4 من علامات التعاسة في الحياة التي قد لا تلاحظها فتعرف عليها

 


ذكرت إحدى التقارير الصحفية أن 14% فقط من سكان العالم يشعرون بالسعادة والواقع أن سعادة الانسان انخفضت كثيرا على مدار الخمسين عاماً الماضية. وبالرغم من ذلك فأن معظمنا لا يدرك هذا الأمر. معظم الناس لا يمشون في الطرقات وتعبير الحزن باد على وجوههم. كما أن اصدقائنا يبرعون في إخفاء التعاسة في الحياة والصمود في الجبهة العاطفية. في حين نبرع نحن في تصديق هذا الوهم. وعندما يتغير اصدقائنا نظن أننا نحن المخطئون. ونغفل عن علامات التعاسة في الحياة والتي كانت ظاهرة لنا طوال الوقت. 

نرحب بك في مدونة هل تعلم وسوف نرشدك في هذا المقال إلى علامات التعاسة في الحياة التي قد تفوتك أو تخفى عليك. مما سيعزز من قدرتك على التعاطف مع الآخرين وتفهمهم، وعلى فهمك لنفسك. بالإضافة إلى تحسين علاقاتك الاجتماعية، والتي تؤدب إلى تحسن في الصحة، السعادة، وطول العمر. 

تفهم الناس كثيري الشكوى وصعبي المراس 

لي صديق عمل في المبيعات لمدة ثلاثة سنوات في متجر للديكورات والأثاث. وقد أحب العمل في المتجر لأن ضغط العمل كان خفيفاً وقد تسنى له مقابلة الكثير من الزبائن والتحدث معهم. إلا أنه قد عانى بعض الشئ من الزبائن الذين يصعب التعامل معهم. ومن هؤلاء كانت سيدة دخلت إلى المتجر وهي منهكة. وقد تمعن في النظر إليها قبل أن تصل إلى طاولته التي يعمل عليها. وألقت بصندوق مفتوح وصاحت: "المعذرة يا سيدي لكنك قمت بتغليف هذه بشكل خاطئ". 
وعندما نظر إلى الصندوق لم يرى أي أمر غريب. وسألها عن المشكلة فقالت "لقد وضعت أوراق التغليف الخاطئة في الداخل، لقد طلبت ورقاً أزرق اللون" 
وعندما نظر في الصندوق وجد ان ورق التغليف أزرق فعلاً لكن بدرجة مختلفة فقال " سيدتي هذا هو اللون الأزرق الوحيد الذي لدينا. فأمسكت السيدة بالصندوق وقالت "لا إنه أزرق سماوي أنت لا تنصت إلي". والواقع أن صديقي قد فوجئ بالعدائية الغير مبررة. وأكد لها مرة أخرى أن هذا هو اللون الوحيد الموجود في المتجر. لذلك خرجت غاضبة دون أي كلمة أخرى. 
في العالم الغربي ينتشر حالياً مصطلح "السيدة كارين" وربما مررت على بعض الصور المضحكة أو "الميمز" التي تتحدث عن الأمر. ونعني بالمصطلح السيدة المتطلبة التي لا تكف عن التشكي والشجار مع عاملي المبيعات وتتدخل فيما لا يعنيها في بعض الأحيان. ومعظم عاملي المبيعات في الغرب قد تدربوا على التعامل مع هذا النوع من الزبائن. حيث يخبرهم المدراء أن الصراخ والغضب الذي يبديه الزبون لا يتعلق بهم شخصياً، بل يتعلق بمشكلة أكبر في حياة الزبون. بالطبع لا يمكن اعتبار هذا مبرراً للصراخ والفظاظة. لكن يمنح المرء نظرة أفضل على الأمر برمته. 
وعندما ترى سيدة تصرخ وتتشاجر بسبب ورق تغليف أزرق فلتعلم أن هذه من علامات التعاسة في الحياة. واعلم أن هذه السيدة تعيسة في عملها، تعيسة في زواجها، أطفالها أشقياء كثيروا المتاعب. ولذلك أصبح موضوع ورق التغليف مجرد تنفيس عن كل هذا الغضب والاحباط الذي تعانيه. تماماً كما توبخك والدتك بشكل مبالغ فيه لأنك نسيت ترتيب سريرك. ترتيب السرير كان مجرد تعبير عن غضبهم منك لأمور أهم وأكبر. 

تفهم سلوك الآخر

في إحدى الجلسات كانت أحدى صديقاتنا تتكلم عن مرحلة صعبة في زواجها. وبدأت تشكو زوجها الذي يبقى في السرير لفترات طويلة جداً بعد العمل لساعات طويلة أيضاً. يمكن أن نتفهم أنها لم تكن سعيدة لأن زوجها لا يمنجها الاهتمام الذي تريد وتستحق فضلاً عن أنه لم يكن يساعد في الأعمال المنزلية. لذلك وبعد فترة قصيرة انفصل الزوجان. 
لكن تبين فيما بعد أن الزوج قد تم تشخيصه بمرض نفسي صعب العلاج وهو الاكتئاب، وهو مرض مربك وغامض ويبدي أعراضاً متناقضة. فربما تعاني من الأرق وربما تعاني من فرط النوم. مع تغيرات في مستويات النشاط بشكل عابر أو مستمر، وبشكل مفاجئ وبدون مرض جسدي يبرر الأمر. حيث يعاني مرضى الاكتئاب من تعب مستمر أو يتأرجحون بين نقيضين طوال الوقت. وهذا ما أقلقنا نحن أصدقائه. لذلك يجب الانتباه إلى مرض الاكتئاب كنوع من علامات التعاسة في الحياة التي قد تخفى على أقرب الناس من الشخص. 

فشل التواصل مع الآخرين

سأستمر في الحديث عن أصدقائي. لي صديق يدرس علم الآثار. ولديها مختبر في بلد أوروبية وتقوم بتفحص القطع الأثرية عن طريق المسح ثلاثي الأبعاد. وقد اتفقت مع أحد أصحاب المشاريع كي يجري لها بعض عمليات المسح. وقد دفعت له مقدماً بعض المبالغ. لكن بعد شهور عصيبة لم تستطع أن تلقى هذا الشاب أبداً. فلا يرد على هاتفه ولا على الأيميلات العديدة التي أرسلتها. وكان يعتذر بحجج غير منطقية عن حضور الاجتماعات. 

سأعفيك عزيزي القارئ من التفاصيل، المهم أننا عرفنا أنه مدمن على الخمر ولديه كثير من المشاكل الشخصية. إلا أن هذه المشاكل تفاقمت خصوصاً مع إدمانه على الكحول وسببت له مشاكل أكبر بكثير في حياته العملية. فقد قبض مالاً من إحدى الشركات ورفض أن يؤدي الخدمة المطلوبة في المقابل. وقد أفسد علاقات عملية هامة بالإضافة إلى سمعته في المجال. ولذلك فقد دمر مسيرته المهنية للأبد. 

عندما يبدأ المرء بقطع كافة صلاته مع الناس، وعندما يتوقف عن الرد على المكالمات الهاتفية وعن أداء واجباته اليومية. فهذا لا يبشر بخير أبداً ويعطي إشارات على أن الشخص ليس بخير. فالناس الذين يعانون من الاكتئاب يتجنبون التواصل مع الآخرين بأي ثمن كان. وأنا شخصياً شهدت نهاية صداقات ومسيرات مهنية ناجحة لأن الشخص بدأ بتجاهل الجميع، لمن فيهم رئيسه في العمل وشريكه الحياتي وأصدقائه. 

أهم علامات التعاسة في الحياة الخفية والتي تنتشر في العالم بأسره

كان لدي صديق عزيز يشعر بالتعاسة بسبب العلاقة العاطفية التي كان بها. ولم يكن يعرف بالضبط ما الذي يجعله تعيساً. كما أنه في ذلك الوقت لم يكن يدرك أنه تعيس أساساً. ولم يستطع أن يعبر لنفسه عن سبب هذه التعاسة في الحياة. وكنت في حالة إنكار لهذه التعاسة. وصديقي هذا من الناس لطيفي المعشر ولن يلاحظ المرء أي من هذه الأمور عند التعامل معه. 

وقد أدرك صديقي متأخراً أن تعاسته كانت ظاهرة بشكل صارخ، وكان يغرق نفسه في العمل وممارسة الهوايات بدلاً من قضاء الوقت مع شريكته. وأصابه إدمان على الأشياء التي تشغله عنها والتي لا طائل من ورائها. وبالطبع كانت فتاته تكرهه بسبب هذه الأشياء. فضلاً عن الشجار المستمر بينهما. لذلك انفصلا لأنهما غير مناسبين لبعضهما. 

من الواضح أن صديقي هذا يبدي أهم علامات التعاسة في الحياة وهي ممارسة الهروب. ويمكنك أن ترى هذه بوضوح عندما يبدأ الأزواج بلعب ألعاب الفيديو أو التسكع مع أصدقائهم. أو ممارسة هواية جديدة تستغرق جل وقتهم. وربما يقعون في شرك خيانة الشريك. الخلاصة أنهم يفعلون أي شئ إلا مواجهة المشكلة. لذلك اعلم عزيزي القارئ أن التهرب والتجنب هو من أهم علامات التعاسة في الحياة. 

ننصحك عزيزي القارئ بتدريب عينك وقلبك على إيجاد هذه العلامات فيمن حولك من عائلة وأصدقاء. وسوف تكسب الكثير من ملكة التعاطف وتفهم الآخر. 
Comments