تعرف على دين كارنازيس الرجل الذي لا تصاب عضلاته بالتعب أبداً



 يضطر معظم العدائون إلى النوقف عند الوصول إلى عتبة معينة من تعب العضلات، إلا أن عضلات دين كارنازيس لا تتعب أبداً، حيث يمكنه الجري لمدة ثلاثة أيام دون توقف. فما سره؟ نقدم لك في مدونة هل تعلم كل ما يشبع فضولك عن هذه الحالة الغريبة.

في البدء يجب القول بأنه سواء أكنت رياضياً على مستوى الأولمبياد أو من الهواة فسوف يتم فرض حد معين على قدراتك في الجري. فقد أثبت المختصون والعلماء أن هذا الحد ينتج عن تراكم حمض اللبن في العضلات، وعندما تبلغ كمية حمض اللبن هذه حداً معينا يصبح الجري السريع أمراً مؤلماً. فقد اختبرنا جميعاً هذا الشعور بالحرقان والخفقان السريع في القلب بالإضافة إلى صعوبة التنفس، وفي النهاية تتوقف العضلات عن العمل وتتوقف عن الجري مرغماً. 

لكن يوجد رجل واحد يمكن لجسده أن يتحدى كافة العادات المألوفة وهو دين كارنازيس، وهو أمريكي من كاليفورنيا تشعر بأنه قادر على الجري للأبد. 

استطاع دين أن يكمل أقسى وأصعب سباقات التحمل في العالم، ومنها الماراثون نحو القطب الشمالي حيث تنخفض الحرارة إلى 25 درجة مئوية تحت الصفر، لكن وعلى الرغم من كافة السباقات والماراثونات لم يشعر دين بتعب العضلات أبداً ولا أي تشنج أيضاً حتى عند الجري مسافة 160 كيلومتراً. مما يعني أن حدوده هي ما يفرضه العقل فقط. 

وقد صرح دين بأنه مع الحفاظ على شدة معينة في الجري يمكنه المتابعة دون الشعور بالتعب، ومهما اجتهد في الجري لا يبدو أن عضلاته تشعره بالحاجة للتوقف وهذا أمر جيد في حال رغب في الجري لمسافة طويلة. 

عند الجري يبدأ الجسد بحرق سكر الجلوكوز بهدف إنتاج الطاقة، وهذا ما ينتج عنه حمض اللبن والذي قد يعمل أيضاً كمصدر للطاقة. لكن عند تجاوز عتبة حمض اللبن المفروضة لا يعود الجسد قادراً على تحويل حمض اللبن إلى طاقة بالسرعة التي يتم إنتاجه فيها، مما ينتج عنه ارتفاعاً في مستوى الحموضة في العضلات. وهذه هي الإشارة التي يجب عندها التوقف عن الجري. إلا أن دين لا يبدو أنه يتلقى هذه الإشارة أبداً. 

وقد صرح دين أيضاً أنه لا يتعب بل يشعر بالنعاس والحاجة للنوم، ففي إحدى المرات ظل دين يجري لمدة ثلاثة أيام دون توقف إلا أنه في اليوم الثالث وبسبب الحرمان من النوم فقد تأزم نفسياً حتى أنه غط في النوم أثناء الجري، لكنه استمر في الجري بقوة الإرادة. 

وعلى الرغم من أن قوة الإرادة كانت امراً أساسياً للعدائيت إلا أن دين أدرك أنه مختلف جسدياً عن الآخرين في عام 2006 عندما استطاع أن يجري في 50 ماراثون خلال 50 يوماً. وقد تم إرساله إلى مختبر في كولورادو، وتم قياس السعة التنفسية لديه والتي لم تمتاز عن غيره في شئ وكانت في نفس مستوى الرياضيين المتقدمين. وبعد ذلك تم إجراء اختيار تراكم حمض اللبن وطلبوا منه الجري لمدة 15 دقيقة، إلا أنه وبعد ساعة من الجري المتواصل وعدم التعب صرح الباحثون أنهم لم يروا مثيلاً لهذه الحالة من قبل. 

ويكمن الفرق بين الاختبارين في أن السعة التنفسية تقيس أداء القلب والأوعية الدموية في حين يقيس اختبار عتبة حمض اللبن مدى قدرة الجسد على تحويل الحمض إلى طاقة وإزالته من العضلات. 

وفي حال قام أحد الرياضيين المتمرسين بالتمرن لفترة طويلة فسوف يتحسن أداء القلب والأوعية وسيتوقف هذا التجسن عند نقطة معينة، أما أدائه بشكل عام فسوف يستمر في التحسن بسبب تحسن قدرة عضلاته على إزالة حمض اللبن والترقي في مستوى أدائها عامة. 

ويتم إزالة حمض اللبن من العضلات عن طريق سلسلة من التفاعلات الكيماوية في جزء من الخلايا والذي يدعى بالمتقدرة. وهذه التفاعلات تقوم بتحويل حمض اللبن إلى سكر الجلوكوز مجدداً ويتم تعزيز هذه العملية عن طريق الإنزيمات. وتتم العملية بكفاءة أكبر عندما تكون المتقدرة أكبر حجماً وأكثر قدرة على استيعاب حمض اللبن. 

ويمكن لسنوات من التمرن أن تحسن من قدرة الإنزيمات على العمل بالإضافة إلى عمل المتقدرة المذكورة، لكن يوجد حد لهذا التحسن ويبقى الأمر موضوع وراثة حيث يمكن للمرء أن يرث هذه الإنزيمات والمتقدرات من أبويه. وكلما ازدادت كميتها يرتفع الحد الذي يتوقف عنده الجسد عن إزالة حمض اللبن. 

ويذكر أن دين يجب الجري منذ الصغر وتميز في الثانوية في سباقات التحمل وتفوق على أقرانه. وفي أحد المسابقات الخيرية وعندما لم يتسطع المشاركون الجري أكثر من 15 لفة في الملعب، استطاع دين أن يكمل عدداً من اللفات بلغ 105. لكنه توقف عن ممارسة في منتصف سنوات المراهقة حتى اكتشف هذه القدرة في جسده في سن الثلاثين. وكان مدفوعاً برغبة قوية في الجري. وبعد 15 عاماً من التوقف عن التمرن استطاع دين الجري لمسافة 36 كيلومتراً. وعلى الرغم من أ، القروح في قدمه كانت مؤلمة جداً، إلا أن عضلاته لم تبدي إشارات قوية على التعب. 

ويمكن للعديد من الرياضيين أن يحسنوا من قدراتهم على إزالة حمض اللبن من العضلات بفضل التمرين إلا أن هذا لا يقودهم إلى مستويات عالية، ويبقى الموضوع مرهون بالوراثة والعوامل الجينية. 

إلا أن الجينات لوحدها لا يبدو أنها تفسر الأمر بالكامل. حيث تتدخل عوامل أخرى مثل انحفا مستوى الدهون في الجسد بالإضافة إلى انحفاض مستوى التعرق وحمية خاصة بالإضافة إلى تجنب التعرض للمواد السامة في البيئة المحيطة. حيث يمكن للجينات أن ترفع من مستواك الرياضي لكن الأمر متروك للبيئة واسلوب الحياة. 

هنا يبرز سؤال مهم عن دور التمرين في سن مبكرة في القدرة على إزالة حمض اللبن. في حال كان هناك توأمين عاش أحدهما في أفريقيا والآخر في شمال أوروبا فعندها ستختلف مقدراهم الرياضية لأن الجينات يتعبر عن نفسها بشكل مختلف بسبب اختلاف التغذية والبيئة وكل الأمور تقريباً. 


Comments